الصفحة الرئيسية  متفرّقات

متفرّقات من الغريزة الى الدين الى التكنولوجيا والمواقع الاباحية.. بقلم القارئة ليندا التيس

نشر في  05 أوت 2017  (19:38)

بقلم القارئة ليندا التيس

منذ البدء وقبل قدوم الدّيانات السّماوية المسيّرة لكينونة الحياة البشريّة وقوانينها، كان المرء أسير غرائزه متتبعا لشهواته ملبّيا لها بمختلف الوسائل نتيجة عدم وجود ضوابط و فواصل تحيل بينه و بين ميوله فأصبح الانسان آنذاك شأنه شأن الدّواب.

وبعد مرور آلاف السنين أنار الأنبياء وجه الأرض محمّلين برسائلهم الينا مهتدين بنفحات طيّبة من الله مخلّفين لكلمته و لقوانينه لحماية هذا الكون.

وقد مثّل الانسان مستهلّ محور الاصلاح والفلاح وتمّ التشديد على ما تحمله طبيعة هذا الكائن من تقلّبات و انفعالات و غرائز وتمّ ضبطها من خلال ما أحلّه الله و صار فعل النكاح موثّقا بفعل الزواج فيحلّ بوجوبه و يبطل ببطلانه و الغاية من قدسيّة الزّواج هو كبح النّفس و ردعها عمّا نهانا الاله عنه و الاستمتاع و الاستكفاء بما تيسّر لنا منه لترسيخ حكم الله في الكون أوّلا و لتحقيق رغبات النّفس بدرجة ثانية ثمّ لتحديد نسل الانسان بدرجة أخيرة.

و بتقدم الزّمن و ازدهار العصور و تطوّر الحضارات ارتقى حضور العلم الى حضور الدّين و صارا يتساويان على كفّي ميزان من ذهب. وبحضور الفقه و الدّراية الى جانب الادراك الايماني، لم يعد ابن آدم سبيّ غريزته بل أحكم عقله لاعتاق نفسه بنفسه والسّموّ لذروة البعد الالهيّ الّذي يقوم على طليعتي الايمان الكلّي و اعتماد الجانب العقليّ بشكل اجماليّ.

وعوّل الانسان على فكره لطرح باطنه و تطوير معيشته و ديمومة ما اختلقه بغاية التّطور و الانشاء و التّهيئة لما سيلحقه من أجيال ممتدّة على مدى الأزمان و قد سعى نحو ذلك سعيا جبّارا عظيما من خلال خلق فكرته و اسنادها الى كلّ ماهو ماديّ و ملموس فتمّ صقل و تلميع الأدب و ابتداع طرق مثلى لتخليده.

كما وقع ابتكار العلوم بمختلفها فصلح الحال و سكن البال. ثمّ امتدّ حاصل لبّ عقول الاوّلين ليشمل الواقع المرئيّ للمعاصرين.

وفي كلّ طور يتمّ تعصير العلم والأدب حسب مآرب الحقيقة حتّى بلغ الأمر الى استحداث علوم التّكنولوجيا و الانترنت بما تثمره من ايجاب و سلب في جنان الانسان.

ولعلّ أوضح سلبيّات يمكن أن يدركها المرء من خلال انبثاث المواقع الاباحيّة بكثافة وسمة هذه السّلعة على النّفس البشريّة و أثر ذلك على عقل المتابع. فبمجرّد تأمّل مثل هذه الشّبكات، فانّ المكانة التّي سعى اليها الانسان منذ القدم قد بدأت تضمحلّ وأنّ دأب رسلنا في اثبات كلمة الخالق وعدم زوالها قد أخذت تتوارى شيئا فشيئا.

أوّلا من النّاحية الفقهيّة الدّينية، ففي جميع الدّيانات الابراهيميّة وقع تحريم رؤية كلّ ماهو عورة لكلا الجنسين وذلك يتمّ بغضّ البصر و حفظ النّفس و العفّة و قد حلّل الله ذلك بالزّواج و ما فيه من مستباح.

ثانيا من النّاحية العلميّة فانّ مداومة متابعة كلّ ماهو اباحيّ يضعف العقل الّذي كرّمنا الرّازق به لتكريم ذواتنا و يغدو الانسان متخاذلا متواكلا في نشاطه الفكريّ.

ثالثا من النّاحية الأخلاقيّة، فالقيم والأخلاق المكتسبة تتنافى تماما و ترفض مثل هذه المواقع اللاّأخلاقيّة حيث أنّه من الممكن أن تحدث تغيّرا جليّا على سلوك و تصرّفات الفرد.

وعلى الانسان العاقل أن يعمل على تصحيح هذه الخطيئة و قد وجد بشأن هذا الأمر عدّة حلول مثل الامتناع تدريجيّا عن مشاهدة هذه الرّذائل و اللّجوء الى ذكر الله على الدّوام صون النّفس الحفاظ على طهارة القلب و الوجدان، التّعفّف بالزّواج، المطالعة القيّمة والاطلاع على مختلف العلوم لما في ذلك من تفضيل و تكريم للعقل. فلن يغيّر الله ما بقوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم.